السبت، 20 يوليو 2013

تكنولوجيا جديدة في صناعة النسيج

تكنولوجيا جديدة في صناعة النسيج

في اليوم الحالي إن قميص الذكور هو خيط مستمر طوله 900 ميلا .. وهذا يكفي ليمتد من أطلانطا إلى مدينة نيويورك. تصنع الألياف المستمرة بشكل غزول ناعمة وبسرعة 250 ميلا في الساعة. وإن القدرة على إنتاج غزول ناعمة تبلغ سرعة الطائرات النفاثة مع الحفاظ على دقة عالية و ذلك في ظروف استطالة ثابتة، وترتيب جزيئي فراغي، وقطر تيلة، ومتانة نوعية (متانة الخيط في وحدة الوزن)، وهذه جميعا توضح على نحو دراماتيكي مهارة تكنولوجيا النسيج الجديدة.

إن الأنماط الحديثة من عمليات تصنيع الأنسجة تحوز على مواصفات تضيف إلى الممارسات السابقة جوانب عديدة غير متوقعة. ومع أن الصناعة النسيجية لا تزال ذات دور فعال في إنتاج الملابس التي نرتديها و في عدد لا يستهان به من المفروشات التي نستخدمها في بيوتنا و مكاتبنا، فهي ذات نفع أيضا على نطاق واسع في الطب، و الرشاقة، و الملاحة الجوية، و مقاومة التلوث، و ضمنا حقل واسع آخر من الإنجازات. و إن بعض العمليات التصنيعية الجديدة للمنسوجات لها صفات نوعية تسمح لها بمقاومة – التبقع، والنار، وهي أيضا صلبة. بعضها عبارة عن مادة أولية ” بلا حياكة ” قوامها ألياف متداخلة. و إن الإبداعات في تكنولوجيا النسيج تتواصل . ولا شك سوف ينجم عن ذلك منتجات غير معهودة.

استبدال الأعضاء البشرية

بعض الألياف و المواد النسيجية مفيدة خصوصا في بناء الأعضاء البشرية الصناعية و إن علماء الطب البشري يوسعون على نحو مستقر من نوع الأعضاء البشرية التي يمكن محاكاة وظائفها. تصنع الكلية الصناعية من 7000 تيلة جوفاء، كل واحدة منها بحجم شعرة الإنسان. و المرضى الذين يعانون من فشل كلوي يجب تنظيف دمائهم بغسل النفايات الاستقلابية و فائض الرطوبة و بمعدل مرة كل ثلاثة أيام. و هذا يتحقق بضخ الدم في عبوة من لألياف النسيجية الجوفاء، حيث أن المحلول المنظف يخلص الدم من اليوريا و الكريتينين وسواهما من الشوائب. و تعتمد المشافي أيضا على غسيل الدم لمرضى تعرضوا للتسمم أو لجرعة مفرطة من الأدوية و العقاقير. هذه التقنية محبذة بالمقارنة مع الطريقة الطبيعية التي تستغرق فترات طويلة للحفاظ على الحياة. دون رايون- أمونيا النحاس المحضر خصيصا بشكل ألياف جوفاء، لن تحصل على كلية صناعية. وإن آلافا من البشر سوف يلاقون حتفهم سنويا. ألياف الرايون هذه تتتمع بثغور لها أحجام مناسبة تسمح بمرور السموم و نواتج النفايات منها، و لكنها تحجزالدم و تعيده إلى الجسم بعد التنظيف.

و الأوعية الصناعية قوامها أنابيب من ألياف بوليستير و تستخدم لعلاج مرضى يعانون من أوعية مسدودة تغذي الساق. و المرضى المصابون بالسكري يعانون إجمالا من انسداد كوليسترولي في أوعية تغذي القدم. و إن لم يصحح هذا الخلل، ينجم عنه دورة دموية ضعيفة تؤدي إلى الغرغرينا و من ثم فقدان الأعضاء. و الأوعية الصناعية التي لها قطر قلم الرصاص توازي خرطوم المكنسة التي تعمل بقوة التفريغ و يتم زرعها بعمليات جراحية لتجاوز مشكلة الانسداد. ثم إنها تعيد الدورة الدموية إلى سابق عهدها و تنقذ وظائف الأعضاء. و زراعة الأعضاء هذه بحاجة إلى تكنولوجيا نسيجية متقدمة كي تمنع التخثر و الفشل. و يقدر أن أكثر من 150.000 شخصا خضعوا لمثل هذه العلاجات بالأوعية الصناعية خلال خمس سنوات مضت في الولايات المتحدة فقط.

و إن القلب الصناعي جارفيك – 7 ( 1 ) يتركب من الألياف النسيجية بنسبة تزيد على 50 % منه بما في ذلك البنية التحتية التي قوامها بولي يوريثين و ضمنا مفصل فيلكرو الذي يؤمن الراحة المناسبة. و الخيوط الطبية المصنعة من ألياف نسيجية متعددة ( الحرير، كولاغان، البوليستير،أو النايلون ) التي تستخدم في خياطة الجروح هي من بين الأنسجة الأعلى ثمنا، و يباع منها ما يزيد ثمنه على 2.000 دولارا لكل رطل. و إن استبدال العظام بمركبات من ألياف الكربون ليست ذات مضاعفات ( لا يرفضها الجسم ) . و بالضبط المناسب لمسامية هذه المركبات، يسمح لأنسجة العظام الجريحة بالنمو و التجانس ضمن وحدات التعويض الغريبة.

و من الأمثلة العملية على تكنولوجيا النسيج في مجال الطب نذكر مفارش طاولة العمليات و هي ألياف بلا حياكة و معقمة و تستعمل لمرة واحدة، ثم أقنعة الجراحين، و المريول الذي يستخدم أيضا لمرة واحدة. و حتى لا تتشوه أغطية العمليات الجراحية أثناء العمل حينما تتلوث بالدماء، يضاف إليها نايلون خاص غير قابل للاستطلة يدخل في تركيب أقمشة بلا حياكة. و في نطاق هندسة الفضاء، تجد اختراقات جديدة لبعض التطبيقات التي تنجم عن البحوث المخبرية، مثل البنية المركبة، و تنقية المياه و مقاومة التلوث.

الألياف الصناعية المبكرة

أصلا جميع المنسوجات تصنع من ألياف طبيعية مثل القطن، الصوف، الموهير، الكتان، و الوبر . و هي كلها متوفرة بشكل ألياف لها أطوال محددة يجب تحويلها إلى غزول قبل أن تتحول إلى أقمشة. و لقد كان الحرير أول شريط أحادي له كتلة أو قوام. و على امتداد سنوات كان لدى العلماء هاجس لانتاج حرير” صناعي ” . و تحقق ذلك في أواسط الـ 1800 ـات، حينما تم إنتاج الرايون من محلول سيللوزي يعاد تصنيعه تحويليا بشكل أشرطة رفيعة براقة تشبه الحرير. و أعقب ذلك فورا إنتاج الأسيتات المجهز من تحويل السيللوز مع الخلات اللامائي ( 2 ) ثم ” الغزل الجاف ” انطلاقا من المحلول المكثف، و ذلك بغاية استنباط المذيب الأسيتوني العضوي.

هذه التطورات وضعت الأساس العلمي الذي قاد والاس كاروثيرز العامل في شركة دو بونت لاختراع ألياف و غزول النايلون و ألياف البوليستر. و تحت ضغط التنافس في تلك الأوقات، انتحر كاروثيرز على خلفية اعتقاده أن جهوده أخفقت، و لقد كان مديره غير سعيد بما حققه على وجه الإجمال. و لكن النايلون، كان و لا زال، نجاحا مذهلا على المستوى التجاري. إنه ينتج أليافا تتمتع بمتانة أكبر، و مقاومة أعلى للاحتكاك، و مرونة مع تجاعيد عكوسة، و هو من السهل العناية به بالمقارنة مع المواد الليفية السابقة. و إن الجوارب النايلونية المصنعة بآلات التريكو نجحت في أسر قلوب الجماهير الغفيرة بجمالياتها المبهرة. و خلال الحرب العالمية الثانية كان من الممكن تبادل و بيع أي شيء له قيمة مقابل زوج من جوارب السيدات النايلونية.

و أدت متانة النايلون العالية إلى استخدامه في صناعة الدواليب فحل محل أسلاك الرايون. و هذا كان من نتائج التسويق الذكي و ليس لتفوق النايلون على الرايون. و على أية حال، إن مشكلة التسطح المحلي الناجمة عن تدعيم الدواليب بالنايلون و التي لم تتحرك طوال ليلة بكاملها دفعت المنتجين لاستخدام التدعيم بالزجاج، أو الفولاذ، أو البوليستر. و كذلك إن تقدما واضحا في تكنولوجيا الألياف تحقق في فترة تمتد من 1930 إلى 1950 . و هذا يعود لاختراعات الألماني كارل زيغلير ( 3 ) في منتصف الـ 1950 ـات . بذلك صنع العتبة للدخول إلى عصر جديد شاهد تقدم الألياف النسيجية. لقد اكتشف زيغلير طريقة انتاج بوليميرات جزيئات الإثيلين، و كانت في ذلك الوقت من نفايات مصافي النفط. و البوليمر هو أي مادة تتألف من جزيء عملاق قوامه جزيئات أصغر من نفس المادة. و إن الوزن الجزيئي للبوليمير يعطي فكرة عن عدد الوحدات البنائية التكرارية المتربطة في سلسلة واحدة. على سبيل المثال، الوحدة الأساسية ( و تدعى مونومير ) لغاز الإيثيلين ( CH2 = CH2 ) لها وزن جزيئي يبلغ 28، و لكن 10 وحدات مترابطة طرفيا لتشكل البوليمير 10( CH2 = CH2 ) لها وزن جزيئي يبلغ 280 مع درجة بلمرة هي اسميا 10.

اكتشف زيغلير مادة تحرض على تشكيل البولي إيثيلين بوزن جزيئي مرتفع . و بضخ غاز الإيثيلين في هذا المحرض على الانتشار، ينتج بوليمير الإيثيلين، البولي إيثيلين و الذي من السهل تصنيعه عن طريق صهره، و إن مواصفات انصهاره عالية بالمقارنة مع الشموع ذات الوزن الجزيئي المنخفض التي كانت تستخدم سابقا في إغلاق القوارير لتخزين الاحتياجات المنزلية. و لكن طبيعة زيغلير المطمئنة قادته إلى المصاعب. فقد شارك على سره بخصوص المحفز الكيميائي، خوليو ناتا ( 4 )، و هذا غادر إلى يطاليا، و استخدم نفس المحفز و نظامه في بلمرة غاز البروبلين لانتاج البولي بروبلين ( 5 ) . إن الإيثيلين و البروبلين وحتى الوقت الحالي كانت من نواتج نفايات تنقية النفط. و أنواع البوليميرات التي تشكل من كليهما يدعى البولي أوليفين المنتظم. و إن إمكانية تحديث هذه الغازات الرخيصة و تحويلها إلى مطاط ( بلاستيك ) و ألياف حازت على الدعم الفوري من شركات النفط و التي قدمت النفايات و حققت منها أرباحا طائلة. و هكذا دخلت في نطاق صناعة المنسوجات انطلاقا من بوابة تصنيع الألياف.

و انتهى الأمر بين زيغلير و ناتا، رفاق الأمس، إلى قطيعة تامة. و تلقى ناتا جائزة نوبل لاختراعه البولي بروبلين المنتظم. و حصلت شركة فيليبس للصناعات النفطية ( 6 ) على براءة الاختراع لانتاج البولي أوليفين المنتظم على نطاق تجاري و لكن، أساسا، بأسلوب مختلف كليا عما كان يجري في المختبر. و إن استخدام البولي بروبلين يعتبر حاليا من لزوم السجاد و الأثاث المنزلي و مفارش و أثاث الهواء الطلق، حيث يمكن بسهولة التخلص من الرذاذ و البقع بواسطة الماء و الصابون.

تقدمت صناعة المنسوجات فيما بعد و أصبح البولي بروبلين مضادا للبل، وأمكن غزل ألياف ذات أساس شمعي و ناعمة. و إن الألياف المصنعة بنفس الطريقة تمتص المياه مثل الألياف الطبيعية. مثل هذه الألياف الناعمة تستبقي من السوائل مقدارا تسمح به الفراغات الشعرية بين الألياف كما تفعل الألياف الطبيعية حين تمتص السوائل و تحتفظ بها في بنيتها الذاتية. و اليوم، إن الثياب الداخلية المخصصة لبلاد ذات حرارات منخفضة، يمكن ارتداؤها على الجلد لتحافظ على جفاف الجسم، فهي تتخلص من نتائج التعرق بواسطة الفراغات الشعرية ثم عن طريق طبقة خارجية أكثر قدرة على الامتصاص.

الألياف المقاومة للاحتراق

مع التطور التجاري للبولي أوليفين المنتظم، دخل تاريخ النسيج في فصل جديد، و يعود فضل ذلك إلى ستيفاني كواليك، من ديو بونت. لدى إعادة تمحيص كيمياء النايلون في عام 1957، قامت بدراسة البولي أميدات الناجمة عن أحماض أروماتية ( حلقات كاربون مغلقة )، و أمينات أروماتية، و ليس النظام الأليفاتي السابق ( سلاسل كربون مفتوحة ) و الذي كان يستخدم في النايلون العادي.

للنايلون الأروماتي بنية هيكلية صلبة لأن الحلقات المتتالية ذات درجة محدودة من ناحية الحرية في الحركة و ذلك على خلفية البنية الأصلية و المتراكمة. مثل هذه النايلونات الأروماتية لا تذوب بسهولة و لكن من السهل تذويبها في أنظمة مذيبة مغايرة و ينجم عن ذلك محلول عالي الكثافة. و بالعمل ضمن أنظمة من هذا النوع، لاحظت كواليك، و هي تحاول تذويب بوليمرات أخرى عديدة،أنها وصلت إلى نقطة، حيث أن إضافة بوليمرات أخرى، ينتج عنها سائل أقل كثافة و ليس محلول الفيسكوس.

عند هذا الحد، نجم عن المحلول بريق نتيجة تشكل طور سائل – كريستالي. و إن غزل الألياف من هذا النظام الكريستالي السائل قاد إلى زيادة ملحوظة في المتانة و الصلابة، و هذا المنتوج المصنع بتلك الطريقة تم تسويقه باسم ” كيلفار”. و الألياف المغزولة من محلول السائل – الكريستالي كانت تبدي عموما متانة عالية و معامل صلابة عالية مع مطاطية مرتفعة .

بمقدور المرء أن يتخيل طور السائل – الكريستالي حيث أن قضيب البوليمرات المستقيم ينتظم في شبكة تشبه عيدان الثقاب أو ” نكاشات الأسنان ” حينما تصف مع بعضها البعض. و إن التعرض للشد أثناء أو بعد الغزل هو أكثر تأثيرا في الحصول على انتظام جزيئي جيد و متانة ألياف عالية في وحدة الوزن ( المتانة الذاتية ) مع معامل مطاطية.

و كنتيجة للانتظام عالي الدرجة، مثل هذه الألياف تصبح ممتازة بعد الشد و لكن ضعيفة بعد الضغط و تنخفض درجة استطالتها و متانتها عند كل عقدة. و معظم المواد تميل إلى خفض متانتها إذا تعرضت للشد بعد ربطها في عقدة، مع مواد أقوى هي بالعادة ذات فقد أعلى. و في جميع الحالات كلما كانت الألياف مصنعة من محاليل سوائل كريستالية تزيد من متانتها و صلابتها إلى حد واضح. و علاوة على ذلك، للـ “كيفلار” مقاومة ممتازة ضد النار و هو لا يحترق حتى بالتلامس المباشر مع لهب البروبان.

إن الطبيعة المقاومة للنار في الكيفلار التي تقترن بمتانة عالية و صلابة مرتفعة جعلت منه مادة يقع عليها الاختيار لصناعة قمصان ضد الرصاص، و معاطف رجال الإطفاء، و سوى ذلك من الأدوات التي تستخدم في الحماية. و بالتوصل إلى تفهم إمكانية الاستخدامات الجديدة لمواد عالية من ناحية الأداء، تحركت صناعة الألياف بسرعة لتصنيع ألياف مبتكرة و غريبة أخرى. على سبيل المثال، صنعت شركة سيلانيزألياف PBI( بولي بينز إيميدازول ) ( 7 ) لها مقاومة فائقة ضد التعرض للسان اللهب و تستخدم في إنتاج قفازات خاصة بالعمل قرب معادن منصهرة و من أجل بذات رجال الفضاء.

ألياف الكربون النقي

تعتبر ألياف الكربون من الألياف الأخرى عالية الجودة التي وصلت الآن إلى مستوى الاستهلاك التجاري . هذه المواد تتحمل درجات حرارة عالية مع ثبات بنيوي، و متانة ذاتية مرتفعة و صلابة. و هي تصنع بتفكيك ألياف أكريليك معدلة من النوع الذي يستخدم عادة في صناعة البلوزات و الجوارب. بمعاملة أولية لـ “كو- بوليمير الأكريليك ” في درجة حرارة 400 C ْ بغياب الأوكسجين، من الممكن تدوير أو ربط المجموعات النتراتية المجاورة. و هذا فيما بعد يحرر ذرات نتروجين متبقية بعد التسخين الإضافي و رفع درجة الحرارة حتى 3.000 C ْ لتشكيل ألياف غرافيت أو كربون نقي. و هذه أخف بأربع مرات و أقوى بخمس مرات من الفولاذ. و يمكن استخدامها في عدة أنواع من المنتجات.

و تعتبر ألياف البولي إيثلين فائقة المتانة إحدى التطورات الحالية التي اخترعها ألبيت بينينغز في مناجم الدولة الهولندية. و هي تنتج الآن تجاريا من قبل شركة ألايد سغنال في الولايات المتحدة و باسم تجاري هو ” سبيكترا 900 “. منذ سنوات، قبل علماء الألياف نظرية مفادها أن الألياف المتينة يمكن إنتاجها، حصرا، باستخدام مونوميرات عالية الاستقطاب من ذرات غير كربونية حيث يتوفر قدر كبير من الروابط – الهيدروجينية . لقد رفض بينينغز هذه النظريات و لاثبات ذلك أضاف بولي إيثيلين غير استقطابي أبدا. و من تقنية الغزل – الجيلي، حضر ألياف بولي إيثلين أقوى بخمس مرات من النايلون و أقوى بمرتين من الكيلفار. و في الغزل الجيلي طريقة يغزل فيها البوليمر من الحالة الجيلية و ليس من الحالة السائلة.

استغرقت صناعة أول الألياف السيللوزية ( رايون ) من العلماء جهدا استمر عدة مئات من السنوات و كانت النتيجة أليافا بمتانة ذاتية عالية تبلغ 3 غرام / دينيير. ( دينيير واحد من الألياف يتكون من 9.000 متر في كل غرام وزني من الألياف ذاتها. و المتانة الذاتية تقيس المتانة القاطعة بالغرام / دينيير ). و لزم حوالي خمسين عاما إضافيا لتطوير البولي أميدات ( نايلون ) بمتانة ذاتية تبلغ 6 غرام / دينيير . و عشرة سنوات أخرى لإتقان إنتاج بولي أميدات ( كيلفار ) بمتانة 20 غرام / دينيير. و أقل من عشر سنوات إضافية لاكتشاف طريقة صناعة ألياف البولي إيثلين ( سبيكترا ) بمتانة 40 غرام / دينيير. و كل تطور مما سبق حقق معه طيفا واسعا من المنتجات الجديدة التي كانت أرضا ممنوعة على الاستخدامات النسيجية. و اليوم من الصعب أن تعرّف كلمة ” نسيج ” لأن تجمعات الألياف ذات البنية المحددة موجودة في كل مكان.

منسوجات بلا حياكة

أية محاولة لوصف صناعة النسيج الحديثة لن تكون صورتها كاملة قبل الكلام على المواد النسيجة التي بلا حياكة ( 8 ) و المركبات المزيجة. لقد مر هذان المجالان بتطور تكنولوجي و تجاري مهم و نوعي. و كان حجم التبدل التكنولوجي الذي لحق بالمواد النسيجية بلا حياكة يمتد إلى قطاع الألياف و الأقمشة. أساسا، معظم المواد التي بلا حياكة هي من نتاج العمليات الرطبة حيث أن الألياف القصيرة ( قصيرة التيلة ) و التي تصل إلى دون نصف بوصة بالطول تضاف إلى آلات الورق المعدلة في أماكن العجينة المدقوقة أو بالإضافة إليها، ثم يتم تجميعها في بنية واحدة بواسطة الراتنجيات الضامة. و من بين المنتوجات التجارية التي صنعت بطريقة النسيج بلا حياكة طيف واسع يبدأ من فوط الأطفال و حتى فلتر بنزين السيارات.

هناك تقنيتان تم تطويرهما في تكنولوجيا غزل الألياف بحيث أن البوليمرات المذابة تتعرض للضغط لإنتاج مواد نسيجية بلا حياكة مباشرة من المغزلة. إحداهما و تسمى ” غزول ضامة ” تستفيد من تيارات الهواء و التي تهب عموديا على الخيوط المذابة في لحظة خروجها من المغزل. هذه التيارات الهوائية تجبر الألياف على الالتحام عشوائيا في نقاط غير محددة لانتاج خيط مستمر و بلا حياكة له بنية نهائية بمجرد خروجه من المغزل. و الطريقة الثانية و تدعى ” الدفع المنصهر ” توظف آلة مشابهة لتلك التي تقوم بصناعة غزل البنات في حديقة الملاهي و لكنها تستعمل المواد الراتنجية المنصهرة عوضا عن السكر المذاب. تخرج الألياف من رأس للطرد المركزي و ترسب على أحزمة أو سيور نقالة بشكل طبقة شبكية نسيجية بلا حياكة مضغوطة و مكثفة. هذه الشبكات التي تنتجها تقنيات الدفع المنصهر يمكن التحكم بها للوصول إلى بنية ذات قنوات شعرية عالية الناقلية قادرة على امتصاص الرطوبة بكفاءة عالية أو أنه يمكن تعبئتها و ضغطها بكثافة حتى أنه يمكن استخدامها كملاءات عازلة للماء. كل المواد التي بلا حياكة تتمتع بميزات ثمينة واضحة تتفوق على المواد بالحياكة لو تم تأمين مواصفات عالية لها. و بالعادة، المواد بلا حياكة تكون أصلب من مواد الحياكة.

الخلائط

يمكن خلط البنيات النسيجية التقليدية و الشبكات التي بلا حياكة مع طيف عريض من المواد المرنة ( أشباه المطاط ) و البلاستيكية لتكون الخلائط المركبة. في معظم هذه الخلائط، تضم المنسوجات أقل من 50 بالمائة من الوزن، و لكن يعزى لها أكثر من 75 بالمائة من المتانة . و هذا صحيح على وجه الخصوص حينما تكون المادة التحتية ذات درجة عالية من المطاطية أو فقدان الشكل كما في الدواليب، الخراطيم، أو السيور الناقلة. و على نحو مماثل، إن استخدام ألياف ذات درجة عالية من الصلابة، أو ذات أداء محكم، تؤدي إلى إنتاج خلائط ذات معامل صلابة مرتفع بشكل استثنائي، إذا استخدمنا مادة أولية عالية القساوة. و بعض الأمثلة على ذلك سنارات الصيد الغرافيتية ذات الكفاءة المرتفعة، مضارب الغولف، و مضارب التنيس. و بدمج مناسب للألياف و للمادة الأولية عالية الأداء من الممكن صناعة منتوجات مقاومة للنار و الحريق إذا تعرضت لمصدر لهب مباشر. و تقريبا كل الخلائط التركيبية عالية الأداء هي أقوى و أخف من المنتوجات المناظرة لها المصنعة من المعادن. و في الوقت الحالي، إن سوق الخلائط في الولايات المتحدة يبلغ إجمالا 1.1 مليار دولارا. و هو زال قيد التوسع بمعدل 30 بالمائة سنويا.

أخف و أقوى و أصلب

يمكن صناعة طائرات خفيفة الوزن بالاستفادة من صلابة و متانة ألياف الكربون الخفيفة والمقاومة للاحتراق بالإضافة لألياف أخرى عالية الأداء. مثل هذه الطائرات الخفيفة تساعد على اقتصاد في النفط أيضا. إن ألياف الكربون و الكيفلار و البورون نتريد تستخدم حاليا كخلائط داعمة في صناعة الأجنحة و سواها من الأجزاء الأساسية في مختلف أنواع الطائرات التجارية و العسكرية. و البوينغ التجارية النفاثة الجديدة 767 تضم بنسبة 46 بالمائة منها من الخلائط النسيجية . و الطائرة الهجومية ماكدونيل دوغلاس F-18 تستخدم بنسبة 56 بالمائة من تركيبها من الخلائط النسيجية، و الطائرات العسكرية غرومان A- 6 و F – 14 تتضمن كميات مهمة من الخلائط. و X-29 المتطورة من طراز جناح – إلى – الأمام التابعة لسلاح الجو تستخدم خلائط نسيجية في أجنحتها لانعدام أية مواد أخرى قادرة على تحمل الإجهادات، و لاحتمال تعرضها للتشوه. و إن ” لير فان” تتألف من 100 بالمائة من خلائط ألياف الكربون. فالدعامات البنيوية و لوالب الدفع مصنوعة أيضا من خلائط كربونية . و إن عددا من مصنعي الطائرات المروحية يستخدمون الخلائط النسيجية.

و تتطلب بذات رواد ناسا للمشي في الفضاء و للطيران أداء لا يحتمل الأغلاط. بذات الإقلاع تكون مصنوعة من ألياف مضادة للحريق و مصنوعة من مادة PBI . و لبذات المشي في الفضاء متطلبات مختلفة. و هي تفرض تنقية – الهواء، و تبريده،و ضغطه. و كل بذة مهيأة لرائد فضاء مختلف و تبلغ قيمتها 1 – 1.5 مليون دولارا. و مادام رائد الفضاء تحت ضغط الأوكسيجين الذي يبلغ ثمانية أرطال لكل بوصة مربعة في هذه البذة، نحن بحاجة إلى مرونة خاصة تسمح لصاحب ( ـة ) البذة بالانحناء و استخدام الكوع و القبض على الأشياء. إن الأقمشة الإسطوانية المستديرة تكون مع بطانة من البوليستير، و اليوريثان، و سواها من المواد اللازمة.

و كذلك إن أقساما من الطائرات تصنع من الألياف النسيجية. و لكل النفاثات الأمريكية فرامل من خلائط الكربون. هذه هي المواد الوحيدة التي تتحمل درجات حرارة عالية تتراكم أثناء إجهاض الإقلاع. إن إيقاف طائرة يبلغ وزنها عدة أطنان و ذلك في مسافة قصيرة ينشر حرارة عالية تكفي لإذابة المعادن. و هذا يفرض على جميع النفاثات الثقيلة اختيار فرامل كربونية . و بطانات الكيفلار التي بلا حياكة تستخدم حاليا كعوازل تغطي مقاعد اليوريثان الخفيفة في جميع الطائرات و ذلك لمنع إنتاج غازات السيانيد السامة حينما تحترق تلك المادة في حالة وقوع حادث جوي.

و إن عوادم الصواريخ و الأغطية غير المخروطية في مركبات الفضاء تصنع، عادة، من الكربون و سواها من الألياف عالية الأداء. بذلك تحمى المركبات من الحرارة الناجمة عن الاحتكاك بالهواء أثناء الإقلاع و العودة إلى المجال الجوي للأرض. فاللهب المشتعل فوق منصة الإقلاع لا يدفع الصاروخ بسبب خاصية مقاومة الاحتراق التي يتصف بها الغرافيت و ألياف الكربون النسيجية، التي تحيط بالعادم. و بالمثل لدى العودة إلى المجال الجوي، الحرارة البيضاء العالية الناجمة عن الاحتكاك بطبقات الجو، لا تحرق المركبة الفضائية بسبب الألياف عالية الأداء و السيراميك الذي يوفر الحماية.

تنقية الماء و الهواء

تعتبر البذة التي تغطي الجسم بالكامل للوقاية من الغاز من لوازم الجنود للحماية من خطر الغاز في أية حرب تستخدم فيها ترسانة الأسلحة الغازية في هذه الأيام. هذه الكيميائيات تقتل بالامتصاص و الانتشار عبر الجلد حتى تيار الدم . فالبذة تسمح بالتعرق و نقل الرطوبة و إنها تحمي الجنود من الأثر الداخلي للأغطية غير النفوذة. و من العروف عند الكيميائيين أن أي مكعب من بودرة الفحم و الذي يبلغ طول ضلعه بوصة واحدة له قدرة على الامتصاص تساوي مساحة ملعب كرة قدم. و يعتقد أن ألياف الكربون النفوذة المصممة جيدا تتمتع بقدرة عالية على امتصاص الغاز. و تحقق ذلك على يد العلماء في كلية الهندسة النسيجية في معهد جورجيا للتكنولوجيا التابع لأطلانطا – جورجيا. إن ألياف الكربون المعدة بشكل خاص و التي تم تطويرها هناك لها فدان واحد من السطوح الماصة لكل عشر غرامات من الألياف. و يمكن خياطة بذة تحمي الجسم بالكامل تمنح الجندي مهلة تبلغ ساعة واحدة من الحماية قبل تأمين أسباب الأمان الشخصي. و بعد أي تعرض للغاز يمكن للبذة أن تعقم لإعاد تدوير استخدامها.

و إن ماء النهر الجاهز للشرب متوفر حاليا بواسطة ألياف جوفاء معدة خصيصا لعكس الظاهرة الأزموزية. و يمكن ضخ ماء البحر عبر هذه الأغشية تحت ضغط يبلغ 400 رطلا لكل بوصة مربعة. و يمر ماء الشرب النقي عبر الألياف المجوفة بينما يلفظ الماء المركز المالح من الطرف الآخر . و إن حوالي 300 مدينة تحصل على مائها يوميا من محطات المخزون الإزموزي التي تنتج حتى 3.5 مليون غالون يوميا بكلفة تبلغ حوالي 70 سنتا لكل 1.000 غالونا. و هذا يزيد قليلا على معظم نفقات التموين بالمياه العادية. و يتضمن نفقات الإدارة و التحويل. و تستخدم تكنولوجيا عكس الظاهرة الإزموزية كل من جدة في السعودية العربية، ساراقوسطة في فلوريدا، إيلات في إسرائيل، و ثلاثين مدينة يابانية.

و إن تركيز السوائل الذي يتدهور بالعادة بالتسخين ممكن من خلال عكس الظاهرة الأزموزية للألياف و الأغشية. عدد من السوائل، بما فيها عصير البرتقال و البندورة، يقبل التكثيف بالضغط بلا تسخين للمحافظة على مكونات النكهة غير المستقرة في الحرارة العالية. و معظم عصير البرتقال الذي يركز على السوق حاليا يحضر بهذه الطريقة. و بالمثل إن تركيز الغاز يمكن تحقيقه بالاستخدام المناسب للأغشية و الألياف . و إن نظام فصل الغاز هو في الخدمة حاليا في معظم مصافي النفط الأمريكية.

و نجد قيد التطبيق أسلوب مقاومة التلوث من خلال عكس الظاهرة الأزموزية في عدة معامل ورق أمريكية، و في مصانع غذائية ( للتقليل من المتطلبات على الأوكسجين البيولوجي )، و في صناعة الرقائق المعدنية لتنقية تيارات العناصر السامة. و إن من الاستخدامات غير العادية لعكس الظاهرة الأزموزية تنقية النفايات الجوية السائلة لرواد الفضاء لتدويرها. و بما أن الماء هو الأثقل في المهمات الفضائية، إن تدويره بالغ الأهمية، و إن السوائل المدخرة اليوم هي قهوة الغد. و تمر المياه في أغشية عكس الظاهرة الإزموزية للتخلص من الفيروسات و للتزود بالماء المعقم اللازم في غرفة العمليات.

مواد البناء الأساسية

يدخل في تركيب القبب العملاقة و الملاعب سقوف من الألياف الزجاجية المغطاة بالسيليكون. و هذا مهم على وجه الخصوص في المناطق الشمالية حيث الهطل الثلجي الغزير يتسبب في انهيار السقوف الإسمنتية الثقيلة. و في قبة هيويرت هامفري في مينيسوتا تجد مواد من هذا النوع بمساحة 800.000 ياردا مربعا متوضعة في طبقتين تسمح للهواء الدافئ بالحركة حتى تتمكن من تذويب الثلوج. و في أحد مطارات السعودية العربية، إن نموذجا مصمما على هيئة قمع من عدة طبقات يسمح بحركة الهواء بدفعه إلى الأعلى عبر مناطق جوفاء من القمة. و يتبنى عدد من مراكز التسوق هذه المركبات المرنة لتسمح بمزيد من الحرية في التصميم العمراني، و مزيد من الجماليات، و حركة أفضل في التهوية، و نقل أمثل للإضاءة.

وإن عددا كبيرا من السدود مثل البحيرات الزراعية و خزانات المياه المنزلية تعتمد على نسيج يغطيه المطاط من الأسفل لتمنع تسريب المياه. و يمكن كذلك بالنسبة للطرقات، التي تتعرض إلى الهدم و التخريب في الأحوال الجوية السيئة، تبطينها بنسيج بلا حياكة يحسن بشكل واضح استقرار و تحمل الطريق. و ساهمت المركبات الصلبة و المدعمة بالألياف من أداء مضارب الغولف، و مضارب التنيس، و سنارات الصيد، و الأعمدة الكهربائية، و منها أنواع مصممة لتجاوز أرقام قياسية عالمية. و إنه من غير الممكن تصنيع أدوات التزلج على الماء و قوارب الصيد القوية الجديدة المدعمة بألياف الزجاج بلا ألياف نسيجية حديثة. و لسيارات السباق GM Corvette هيكل مدعم بألياف الزجاج. و إن عددا من مركبات الألياف النسيجية أقوى بأربع إلى خمس مرات من الفولاذ، و مع ذلك هي أخف بالوزن. و تطور شركات السيارات المركبات النسيجية كبديل لأجزاء بنائية متنوعة.

إن التقدم التكنولوجي السريع في صناعة المنسوجات يفتح الآن السبيل لعدد من القطاعات التقنية، و لكنه تسبب في تنامي الحاجة إلى الكيميائيات النسيجية، و هندسة النسيج، و إدارة القطاعات العاملة في الحقول النسيجية. بعض الكليات الأمريكية التي تعتمد على برامج الهندسة النسيجية تنبئنا أنها قادرة على استيعاب ثلاثة أضعاف العدد الحالي من الطلبة في وظائف جيدة تضمن دخلا مستقرا . و مع هذه النظرة المتفائلة للمستقبل و تطوره السريع، و مع هذه المنتوجات ذات المواصفات غير العادية و لكن المفيدة، سوف يستمر النسيج كواحد من أهم القطاعات التكنولوجية و الديناميكية المعاصرة .


أزياء عسكرية فرنسية مموهة مضادة للنيران


تمكن باحثون في شركة «كيرمل» KERMEL – الأوروبية العاملة في مجال ألياف «ميتا ـ أراميد» (meta-aramid ) الصناعية الموجهة لحماية الملابس, التوصل إلى تكنولوجيا فريدة من نوعها من شأنها انتاج نسيج مموه ملون غير قابل للاشتعال, وذلك في إطار عمل مشترك مع شركة «دايستار» DyStar العالمية المتخصصة في ألوان النسيج وإعداد مختلف مكونات الأصباغ. ويلبي هذا النسيج الجديد المتطلبات الحالية المتشددة في مجال الكشف بالعين المجردة أو بالأشعة تحت الحمراء للزي المموه الخاص بالعسكريين، ويوفر راحة فريدة من نوعها, اضافة الى خاصية عدم الاشتعال وهي المميزات التي ينفرد بها خليط ألياف الـ Kermel/Viscose FR الذي يؤمن الألوان ومقاومتها لكل من الإضاءة والتنظيف والاحتكاك. كما أن هذا النسيج يسمح بالحفاظ على شكل ممتاز للملابس بالحفاظ على معايير انعكاس الأشعة تحت الحمراء وذلك طوال فترة استخدام هذه الملابس. ويخصص هذا الزي ذو الألوان غير المنتظمة لخدمة القطاع العسكري, وهو يشمل على سبيل المثال زي طياري الطائرات المروحية، وفرق العربات المدرعة وفي المستقبل قوات المشاة الحديثة. وتجدر الاشارة الى أن ألياف Kermel تستخدم في تصميم الزي الرسمي الخاص بعمليات تدخل رجال الإطفاء، والزي العسكري الخاص بالطيارين وبفرق العربات المدرعة، والزي الخاص بقوات «الحفاظ على النظام» من رجال الشرطة وكذا الملابس الخاصة بالعمل في الصناعات ذات المخاطر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(: THE HOLY QURAN TASTE IT

FOLLOW ME